الأحد، 30 أغسطس 2009

حكاية رشة الماء


..كان عصرا جميل ..فغدا يوم عرفه..كما سمعتها من الدكتور السويدان "المكان الذي التقى فيهما ابوينا بعد نزولهما من الجنة"المهم.. مررت على الحلاقين في وقت مبكر من هذا العصر فاني اعلم كل العلم مدى انشغالهم في هذا اليوم .. رفضوا المجيء معي .. فقد كنت اطلب منهم ان يأتوا ليحلقوا لذلك الاب الكبير في السن القاعد على كرسيه -اتذكره حيث كان يحمل لنا الالعاب وبعض الفواكه بيديه من ذات السوق الى ذات البيت .. وكنت اراقب مدخل الحاره لاركض له لنقبل يده ونحمل الاثقال -طبعا ليس برا ولكن طلب في مائه بيسه التي عودنا على اعطائها لكل من يحمل عنه وان كان عود ثقاب- نعود للحلاقين وبعد جهد جهيد وجدت احدهم فوافق..ذهبنا معا .. كنت وفي الطريق افكر ياترى اأجزى خيرا من فعلي حقا؟ اكان برا ام هو الشعور برد الجميل؟فمنذ ولادتي وهذا الرجل الوحيد الذي احتظنني وقبل جبيني واشترى لي اول (مصاصه) -قطعة سيلكون يضعوها في فم الأطفال ليسكتوا- واول زجاجه حليب ذات رأسين -هكذا قالت لي امي- واول من جهز لي ملابس المدرسه واول من جهزني للعيد بشراء الحذاء والقبعه (الكمه) وكان الاول في كل شي ... ماكنت اعلم ان هنالك شخصا اخر كان يجب علي ان اناديه "ابي" فهذا الكبير في السن ليس الا "جدي"..ولكني ماتعودت ندائه الا ابي ..فوصلنا للمنزل .. دخلنا كان مستلقا فاتحا عينيه ينظر إلي .. فناديته ابي هذا الحلاق اتيت به .. لم ينطق حرفا ما سمعت منه الا التأوه.. فحملته ووضعته على الكرسي.. فنظرت في وجهه وأمرت الحلاق ان يبدأ ..كنت اجهزه للعيد كما كان يجهزني..كان الوقت قبل غروب الشمس بساعه ونصف تقريبا .. سمعت تأوه لم اسمع مثله من قبل واحسست بثقل في قلبي ورهبه فأطبقت بيدي على صدره .. حادثته "ابي مابك"نظر في عيني ولم يجب!وهنا انتهى الحلاق ومابقي سوى رش بعض الماء على وجه جدي ليغسل بقايا الصابون.. وبذا يجهز للعيد..وانا اناظر وجه المليء بالتجاعيد والحب ولازلت اتذكر اني قلت له ابي سنرش الماء على وجهك فأغمض عينيك -وقبلة رأسه - وأمرت الحلاق ان يرش ..وكانت رشة الماء كرصاصه تخترق قلبه فمعها سمعت آخر آه منه .. ما كنت اعلم ان ملك الموت واقف بجنبي ينتظر تلك الرشه ليسحب ما تبقي من تلك الروح ..تلك الروح التي ضمت مايقارب الاثنى عشر حفيدا يطعمهم ويسقيهم ويعطيهم مصروفهم اليومي .. تلك هي حكاية تلك الرشه فليتني كنت اعلم فلربما كان فعلي مختلف.. بعدها حملته واحسست بخفته ووضعته على فراشه .. وذهب تاركا ورائه اعمق اثر لرشة ماء في قلبي..حسبت اني اجهزه لعيدنا.. ما حسبت انني اجهزه لعيده (كما ارجو من خالقه)"رحمه الله جدي وجعل الجنه مثواه"

هناك تعليق واحد:

  1. وتـ خ ن ق ن ي الـ تَفاصِلْ !!



    .
    النِهاياتْ موجِعة !
    وحقائِبْ الراحلينْ
    وتلكَ النَظراتْ الـ أ خ ي رة ،
    التي تُشبِهُ المِلح ْحينُ يَذرّ على جُرح ْ طازِج ْ !
    .
    .

    و ي ر ح ل و ن !



    .




    *
    كُل ماأعرفِهُ أني انتحبتُ هُنا
    غَصصتْ
    لاأرى الصَفحة الـ آن غَشاوة دمع ْالجِراح تُدثرني

    ردحذف